لماذا لا تتجمد الحيوانات القطبية؟

للطبيعة وسائلها التي لا يستطيع العقل البشري تحدّيها.فهي قادرة على إبداع الحلول لمساعدة الكائنات الحية في العيش ضمن ظروف مستحيلة:
أماكن لا ماء فيها أو حيث الفيضانات,أو حيث لا وجود للاوكسجين أو بوجود غاز سام وحرارة تصل الى 100ْ مئوية أو 40ْ مئوية..‏

ولاستمرار الحياة في ظل درجات الحرارة السلبية هذه يجب ألاّ تبرد الأعين ولا باقي الجسم.وللمجموعة الحيوانية التي تعيش في المناطق القطبية رواياتها.فما الذي يساعد ألف صنف منها العيش في المياه والاراضي المتجمدة في أقاصي الأرض.‏

الأوفر حظا في هذه المناطق هي الحيوانات البحرية التي تستفيد من بيئة أقل قسوة من الحيوانات البرية .مع ذلك ,ليس من السهل العيش في مياه حرارتها بحدود الصفر مئوية.‏

لقد تطوّرت عند الاسماك القطبية بروتينات ضد التجمد,هذه الجزيئات الموجودة في دمها تمنع تشكيل التجمد .أيضا اكتسبت هذه الاسماك لمسة فردية:إنها واحدة من خمسة عشر نوعا من الفقاريات لا يحتوي دمها على الهيموغلوبين مما يجعل هذا الحيوان شفافا,وهي تحصل على الاوكسجين المنحل بالماء من خلال جلدها.‏

أيضا حشرة Podure اكتسبت حلا لمنع التجمد وهي تعيش في القطب الجنوبي,فجسمها يُركّب مباشرة الغليسيرين مما يمنع تجمدها في الحرارة -35ْ مئوية.‏

بالنسبة للحيوانات البرمائية مهمتها أكثر تعقيدا ,الحل الاول ضد البرد عندها هو العزل:يكسوها الوبر والريش وطبقة دهنية.بعض أنواع الفقمات يكسوها الوبر والبعض الآخر تكسوها طبقة سميكة من الشحم التي تشكل طبقة عازلة ومصدر طاقة لها.‏

المعادلة التي تحتاج الى الحل في جميع الحالات هو تمتع تلك الحيوانات بحرارة مرتفعة في بشرتها كي لا تتجمد,لكن ليس بكمية كبيرة كي لا تفقد تلك الحيوانات الكثير من الطاقة في غير محلها,إذ قد نلاحظ فرقا في الحرارة بحدود 24ْ مئوية بين الحرارة الداخلية والجلد.‏

أيضا شكل الحيوانات التي تعيش في المناطق المتجمدة تلعب دورا هاما في حمايتها.فهي بشكل عام (مربوعة ) كي لا تفقد الكثير من الحرارة نسبة الى حجمها.‏

بطل الحيوانات القطبية في العيش والاكثر شهرة هو الطير البحري ال(طرسوح).‏

فمن أصل ستة عشر نوعا معروفا,عملاق العائلة هو الطرسوح الامبراطور يتجاوز طوله المتر ووزنه أربعون كيلو,مقارنة بالطرسوح الازرق الذي يصل طوله الى أقل من 30 سم ووزنه أقلّ من كيلو ونصف الكيلو.‏

فلقد تضاعفت عند الطرسوح عوامل الحماية واستراتيجيتها ضد البرد,إذ يمتلك ثلاث طبقات من الريش غير نفوذة وطبقة سميكة من الشحم.تحت الطبقة الأولى للريش نلاحظ وجود زغب رقيق يساعد في تشكيل طبقة من الهواء الساخن ويقوي العزل الحراري.‏

في هذه اللحظة ,إنها نهاية الصيف الجنوبي,وقام الطرسوح بعملين أساسيين خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة.فمن جهة قام بصيد وفير(قشريات صغيرة,الاسماك والحبّار) من خلال غوصه في المياه الى عمق مئتي متر وسطيا.ومن جهة أخرى,قام باستبدال ريشه باستمرار للحفاظ على نوعية العزل الحامية عنده.‏

طيلة فترة تبديل الريش هذه لا يستطيع الطرسوح الغوص في الماء.‏

إضافة إلى ذلك يمتلك الطرسوح دورة دموية متقنة.أطرافه, ولا سيما قدماه مجهزتان بنوع من المشعاع الدموي الذي يساعده في تعديل درجة حرارة جسمه بمقدار درجة أو اثنتين فوق الصفر المئوي.إذا لا يمكن أن يتجمد وفقدان الحرارة يكون قليلا.يستطيع أيضا أرجحة قوائمه: لا يستريح إذا سوى على عقبه (عظم مؤخر القدم) وعلى ذيله مخففا من احتكاكه بالأرض.تظل أرجله باردة باستمرار,لكن حرارة جسمه تتراوح بين 37,8ْ مئوية و 38,9ْ مئوية.وهو ليس من النوع الهزار لكنه يرتعش بسرعة لتدفئة نفسه.‏

آخر استراتيجية: تكوين السلحفاة,إذ تتجمع وتتلاصق الواحدة قرب الاخرى بالآلاف,فيصطف في المتر المربع الواحد من ثمان الى عشر منها,تغير مكانها بانتظام.فالمتموضعة على محيط الدائرة معرضة أكثر للهواء تتبادل اماكنها مع اللواتي في الوسط المحمية أكثر ويلاحظ أن اللواتي يكن في الوسط تستطيع تقليل درجة حرارتها قليلا لكي تقتصد في استهلاك طاقتها.‏

آخر مفارقة من الاوساط القطبية,حيث يعيش اكبر حجم من اللاحمات الارضية:الدب الابيض الى جانب كل هذه الجماعات من الحيوانات نلاحظ وجود الانسان وهو أقلها تسلحا ضد البرد القارص.مع ذلك يشكل النوع الوحيد الذي يستطيع استعمار هذه الاماكن البعيدة حيث تصل الحرارة فيها الى -80ْ مئوية .هناك حيث لا يستطيع أي حيوان أن يقيم فترة طويل

ة.‏