ذُنُوبٌ فِي الحُبْ

سَلَامُ الله عليكمْ

إليكَ نزارُ

أخطٌ رسالتي الثانية..

ولا أدري حقيقةً لما أراسلكَ أنتَ هذه المرة.. وكأنكَ الرجلُ الذي اختزلَ الرجالَ جميعاً ...

وكأنكَ الكونُ الوحيدُ الذي زعزعني وزلزلني وأخرجَ كل ما احتوتهُ أرضي العميقة من كنوز !

نزارُ يا نزارُ...

كتبتَ خمسينَ ديواناً عن الحبِ.. أي ما يعادلُ الخمسمائة قصيدة... إن افترضنا جدلاً أنكَ في كل ديوانٍ وضعتَ 10 قصائد ... إذن فأنتَ خبيرٌ "محلفٌ" في الحبِ بكل أنواعهِ وتفرعاته..

وظواهره الطبيعية والصناعية...وأشكاله الساقطة والراقية.. وذنوبه "الصغيرة" ... وتلك التي لا تغتفر أيضاً...

ربما لهذا راسلتكَ.... كي أحادثكَ عن ذنوبِ الحبِ....

أتدري؟؟

إنها الثانية صباحا...

أصواتٌ موسيقية صاخبة منبعثة من بيتِ الجيران...

إنه عرسُ سناءَ بنتِ جارتنا...

جعلتني هذه الأصواتُ أفكر في اليوم الذي قد أكون فيه أنا "المحتفل بها"..

مممم هل فكرتُ في الأمرِ سابقاً يا نزار؟؟

في الحقيقة نعم... وكيف أقول لا وأنا فكرتُ في الأمرِ بتفاصيله المملة حتى؟

كيف أقول لا وأنا كنتُ غارقةً حتى أخمص قدمي في عشقه؟؟

دعكَ مني نزار... فإن الثرثرة صارت طبعاً في قلمي حين يراسلكَ....

سناءُ يا سيدي العزيز....

سناءُ تلكَ التي كان الوردُ يذبل من رقتها... وكان العطرُ يغير من عبيرها....وكانَ الخجلُ نفسه يخجل منها....

سقطت في بئرِ الحب وما خرجتْ منه إلا وهي ملوثةٌ ب"ذنوبِ الحب"...

ايييه يا نزار....

نعم تلك الطاهرة الخجولة العفيفة.... تلكَ التي كنتُ إن التقت عيني بعينيها.... طأطأتُ رأسي خجلاً منها.....

خصوصاً وأن أمي المسكينة كانت دوماً ما تقارن بيننا... وتقول لي.... "يا صايعة"...بنت الجيرانِ سناء أفضلُ منكِ"...

وأنا كانت حجتي المفضلة "يا أمي.... الإسلامُ ليس بالمظهرِ فقط....."

وصدقاً الإسلامُ جوهرٌ ومظهر..

عموماً يا نزار...

سناء كانت ملاكاً في حينا..... نورها الذي كان يشعُ ويملأ الحي في "الظلام الحالك" بالبهاء.....

سقطت في الحبِ ويا لها من سقطة...كما نقولُ نحن المغاربة... "طاحت على وجهها"..

ذلكَ اليوم... فوجئتُ بزيارتها لي...

فلم تكن تربطنا علاقةٌ كبيرة...أو بالأحرى لم تسمح هي للعلاقة بيننا بالتطور...

قالت لي... هل بإمكانِي أن أخبركِ سراً... وعديني أن يظل الأمر بيننا....؟

طبعا وافقتُ على الأمرِ.... وبدأت هي في التحدث...

"أحبه... وربِ الكعبة أحبه... أعشقُ الترابَ الذي يمشي عليه.... أعشق نسماتِ الهواء التي تحمل لي عطره....

أحبه فقولي لي ماذا أفعل؟..؟ تقتلني نظراته... كلماته... غزله.... "

ولأنني كنت أعرف ذلك الذي حدثتني عنه هي.... فقد حذرتها في البداية منه ومن أخلاقه السيئة لكنها أصرت علي فوعدتها أني سأخلق لقاءاً بينهما بأي طريقة..

وجعلتُ سناءَ تلتقي بعدَ ذلكَ بيومٍ بمعشوقها.. ثم انسحبتُ من القصة فجأة كما دخلتها فجأة.....

استمرت هي على علاقةٍ به لمدة طويلة... يتبادلان فيها الحبَ "الخفي" عن أعين الناس..

إلى أن زارتني مرة أخرى تبكي وتنوح وتشكي...فطلبتُ منها أن تحكي... فقالت لي... " فعلها بي المجرم... فعلها.... أخذ ما كان يريد ثم رحل...

بعد أن كان يقول لي أن الذنوب التي نقترفها في الحب يغفرها الله ويتجاوز عنها الناس.....وأنا صدقتُ هذا.... صدقت أن ارتكاب الذنوب باسم الحب مسموح...صدقتُ أن الأمرَ ضروريٌ

كي تتوطد العلاقة بيننا.... صدقت أنني زوجته أمامَ الحبِ وهو....ونسيت أنني زانيةٌ أمام الله وأمام الناسِ "

قابلتُ كلامها بالصمت ولم أشأ أن أقول لها : "ألم أقلها لكِ سابقاً؟ ألم أحذركِ منه؟" لأني أدري في قرارة نفسي أنها تلوم نفسها وتستعيد كلامي الذي قلته فلماذا التكرار؟

انقطعَ التواصل بيننا...

وهاهي الآن قد تزوجت وأقامت عرساً سمع به القاصي قبل الداني..... لم تتزوج بصاحبنا ذلك.... لا ولكن برجلٍ مخدوعٍ ب"عفتها".....

أتساءل فقط كيف ستكون ردةُ فعلِ هذا الرجل حين يكتشف أن ماكان سيجعله البطل قد أُخذَ من

ه ؟